17‏/07‏/2013

ساكنات الأربطة في انتظار ترميم حياتهن

                دموعهم تتحدث نيابة عنهن حين يسترجعن الماضي
       ساكنات الأربطة في انتظار ترميم حياتهن

كرسن حياتهن لتربية الأبناء لكن عندما تموت الضمائر ولا يبقى للإنسانية مكان يكون جزاء الإحسان بالعقوبة , لم يتوقعن أن يكون مصيرهن دار إيواء وشفقة من محسنين ورغم أفعال الأبناء يرفعن أيديهن إلى السماء داعين بأن يسامحهم  الله على ما فعلوه بحقهن .
 قصص كثيرة لمسنات بين جدران الأربطة يجهلها المجتمع ولا يجدن السبيل لنقل معاناتهن التي تتواصل في كل غرفة وباحة وفناء داخلها .

أم خليل أبنائي هجروني
الأرملة أم خليل البالغة 70عاماً تروي قصتها لنا بأسى  حيث تقول : أبنائي هجروني وفضلوا السفر وعيش حياتهم بعيداً عني , وتابعت بحرقة : تركني أبنائي منذ 20 سنة وهو ذات الوقت الذي وصلت فيه إلى   الرباط , وأضافت بأنها كانت تعمل كخياطة تخيط الجلابيات النسائية وتبيعها وقد ربت أولادها وعلمتهم جيداً,مشيرة إلى أن ابنها البكر ذهب إلى الخارج لإكمال دراسته بعد أن حصل على منحة دراسية وعاد حاملاً شهادته في الهندسة ليتزوج بعدها ويعيش قاطعًا علاقته بي لانه يخجل مني كوني أعمل في مهنة الخياطة , وفيما يتعلق بابنتها ذكرت أم خليل : ابنتي الوحيدة تزوجت من شخص غير سعودي وسافرت معه إلى بلاده وانقطعت أخبارها  بشكل كامل , واستطردت :  منذ وصولي إلى  الرباط لم يتغير الكثير في حياتي غير أنني أشتاق إلى الماضي وتساءلت بحسرة ما الذي فعلته لأستحق كل هذا من أبنائي , وتمنت  ودموعها تنهمر من عينيها أن يسامحهم الله على مافعلوه بها                                      .


صالحة .. الممرضة المقعدة !
" أهل أول يا فل يا كادي يا كمّل يا أهل الأدب والزوق وعشت وبقيت ومجمّل " هكذا بدأت الحاجة صالحة حديثها معنا بأغنية من تراث مكة ,الحاجة صالحة المسنة صاحبة الروح الشابة تغني لنزيلات الدار لعلها تدخل الفرحة إلى قلوبهن رغم أن قلبها يحترق بفراق عائلتها الذين تخلوا عنها ,وتضيف :عندما كنت شابة أنهيت  دراستي من معهد للتمريض وعملت كممرضة صرفت على عائلتي وعلمت أخواتي حتى حصل لي حادث سير منذ 10 سنوات أقعدني على الكرسي المتحرك معاقة بلا حراك ,وتابعت : بعدها قررت العيش مع أختي وأمي المسنة حتى انتقلت الى رحمة الله ولم ترغب أختي بأن أبقى عندها فأدخلتني هذا الرباط , مشيرة إلى أن بعض أخواتها يزرنها من حين لأخر لكنها تحمل في قلبها عليهن الكثير من العتب, مضيفة بأنها لم تتوقع منهن أن يفعلنا بها ذلك فهي لم تتزوج وكانت مسئولة عنهن طوال حياتها , لتتوقف صالحة للحظات بكت فيها وعادت لتقول : أنا بانتظار أن أرحل مع والدي ووالدتي وما عند الله أجمل .

فاطمة حافظة القرآن
تقول فاطمة  بأنها كانت تعمل في مدرسة لتحفيظ القرآن للإناث في جدة  وهي مطلقة وسبق لها الزواج مرتين ولم يرزقها الله بأبناء وتحب القراءة لديها مكتبة متواضعة تحتفظ فيها بأمهات الكتب, وأضافت : نحن لا ننكر فضل أصحاب الأربطة الذين وفروا لنا هذا السكن  وندعي لهم في كل حين فكانوا أكثر رحمة بنا من ذوينا ولكن نطالب الجهات المسئولة بتأمين احتياجاتنا الغذائية والدوائية وذلك بالتنسيق مع الجهات المختلفة لتحسين أوضاع الأربطة .

معتبرة بأنه عندما تتحد جهود الجمعيات مع الجهات المختصة و أهل الخير سيكون هناك نتائج مثمرة تكفل للجميع حقه، وتزيد بأن الرباط يحتاج إلى عناية خصوصا في جوانب الترميم من الأسقف والجدران الجانبية والتي بدأت بالتشقق والتهالك ، فضلا عن الجانب العلاجي والذي تحتاجه كثير من ساكنات الرباط وذلك لكثرة أمراض الشيخوخة بينهن .
ودعت فاطمة بأن تشرف جهات مختصة على الجانب الغذائي والتمويني والصحي، فضلا عن المراقبة على عملية النظافة في الأربطة والتي سينعكس مردودها على الصحة العامة في الرباط ،  فيما نقلت مطالبة بعض النزيلات بحراسات أمنية على الأربطة لأنهن يخفن أن يتعرض للاعتداءات من قبل اللصوص.
من جهة أخرى وضعت محافظة جدة لائحة موحدة للمسؤولية الاجتماعية للعناية بالأربطة الخيرية على أن يشرف عليها فرع وزارة الشؤون الاجتماعية بمنطقة مكة المكرمة للمحافظة على الأربطة والعناية بالمستفيدين منها وتقديم الخدمات اللازمة لهم في القطاعات الصحية والتعليمية والاجتماعية مع التأكد من سلامة المنشآت هندسيا في ظل وصول أعمار بعضها إلى 100 عام.
وكان ذلك التوجيه ضمن ورشة عقدت بالغرفة التجارية الصناعية بجدة ممثلة في مركز جدة للمسؤولية الاجتماعية لوضع تصور خاص بتطوير الأربطة الخيرية التي يصل عددها بجدة إلى 63 رباطا خيريا.




ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق