15‏/07‏/2013

" الحاجَّة فاطمة " عجوز سبعينية تحلم بكتابة سيرة حياتها..

أحلامٌ تضيء زوايا الأربطة..
" الحاجَّة فاطمة " عجوز سبعينية تحلم بكتابة سيرة حياتها..


فاطمة , أو "الحاجَّة فاطمة" كما تحب أن يناديها من في الرباط , سيدةُ عجوز دفعها الفقر و الحاجة إلى السكنِ في أحد الأربطةِ في جدة , مسنةُ عجنتها الأقدارُ بقسوتها  , و دارت بها ذات اليمين و ذات الشمال إلا أنها تجاوبت معنا ببراءة طفل و حكمة شيخ ,. متسلحةً بالكثيرِ من الأمل , و ابتسامتها الراضية لا تفارقهُ وجهها حتى آخر لحظاتِ لقائنا بها.

أسرار " الحاجة فاطمة "
تؤمن " الحاجَّة فاطمة " كما تحب أن يطلق عليها من في الرباط ، بالقضاء و القدر و بالرغم من تجاعيد السنين التي حُفِرَت على وجهها إلا أن ملامحه بها بقية من شموخ وكبرياء و أنفة ما تزال تفتخر بها كثيرًا إلى الآن ، السيدة العجوز باحت بكثير من الأسرار و الأحاديث في حياتها الشخصية لكن أغرب ما تحدثت به عزمها على كتابة مذكرات حياتها بل أنها رسمت ملامح عنوانه و محتوياته و هي في حاجة فقط إلى من يقوم بمساعدتها.
تقول فاطمة التي بلغت السبعين قبل شهر و نيّف " أفتقد للحياة السعيدة و الحميمة منذ عقود من الزمن ، نعم أسكن مع جاراتي في هذا الرباط الخيري و يمر علينا وقت نحتاج به إلى الكساء و الطعام الذي يقدمه بلا تقصير فاعلي خير ابتغاء الأجر من الله سبحانه و تعالى " ، فاطمة تقول كذلك أن معيشتها تتراوح بين زيارة صديقاتها و قراءة القرآن و بعض الكتب و الأدعية الدينية التي تجدها أحيانًا مع المشرفات في الرباط أو إحدى صديقاتها التي تجلبها أحيانًا لقرائتها .
و تواصل فاطمة حديثها عن الرباط تحديدًا " أسكن هنا في المنطقة التاريخية و رغم سؤء حالة الرباط و تهالك غرفهَ و مبانيه لكني كالجميع هنا أسكن فيه لقضاء ما بقي لي من عمر" .

طريقُ طويلة و لا رفيق للدرب.
 "مع بداية هذا الصيف بلغت الـ 70 عامًا و أنا إلى اليوم لم يسبق لي الزواج" هكذا تختصر فاطمة حديثها و تضيف : أتيت من حضرموت قبل أربعين عامًا و وصلت إلى جدة بحثًا عن الحياة الكريمة لأنني كنت أفتقدها في اليمن و تنقّلت كعاملة منزلية في أكثر من بيت و استقبلتني في فترة سابقة جمعية خيرية كنت أعيشُ من خلال ما تقدمه لي .
 حضوري إلى هُنا كان على فترتين الأولى لمدة خمس سنوات قبل أن أعود إلى وطني , ثم حضرتُ مرة أخرى إلى مهبط الوحي بعدها بثلاثة أعوام حين توفت والدتي و شقيقتي إثر مرض ألمّ بهما في بلادي ". و استطردَتْ : "في إحدى المرات أصبت بعد سقوطي على إحدى السلالم بإعاقة صعّبت من مقدرتي على الحركة و أنا أعيش حاليًا منذ أكثر من 20 عامًا في هذا الرباط ، و تشير فاطمة إلى أن الساكنات في هذا الرباط يعانين من أمراض مزمنة عديدة و هنّ في حاجة إلى متابعة مستمرة و عناية صحية قد لا تتوفر في أي وقت".

كتابة مذكرات الحياة حلم يراودني !
يستغرب المرء حين يسمع بأن عجوزًا يكادُ يقتلها الفقر طوال حياتها بكونها تفكرُ في كتابة مذكراتها إذ كيف لها القدرة على الكتابة في مثل هذا الوضع ، لكنّ الحاجَّة فاطمة تقول في هذا الصدد : "أسمع بكثيرين يكتبون مذكراتهم و أرغب أن أكون كذلك خاصة و أنني أعرف الكتابة لكني بالطبع لا أمتلكُ الأسلوب الجيد , و إنما حضرتني هذه الفكرة حينما قرأتُ سيرةَ أحدهم في كتاب " ، و تشير عميدة الرباط بحكم كبر سنها إلى أنها قامت بمناسك الحج والعمرة مرة واحدة فقط وكان ذلك قبل ثلاثين عامًا .
و تقول كذلك بأنها لم تستطع الزواج لأنها ببساطة لم تجد ابن الحلال بالرغم من مرور سنين كثيرة و هي مؤمنة دائما بأن الزواج قسمة و نصيب على الرغم من كل شيء ، و قالت بأنها ترغب فقط في أن تعيش بقية عمرها بسلام و أن لا يزورها المرض باعتبارها لا تعاني من مشاكل كبيرة سوى بعض الآلام في أقدامها و مفاصلها من وقت لآخر .

سحر رجب
سحر رجب ( أخصائية نفسية) :  فاطمة أنموذج للصبر والكفاح !
تعتقد الدكتورة سحر رجب مدربة و مستشارة معتمدة من المجلس العربي و عضو هيئة الأمم المتخدة أخصائية في المجال و السلوك النفسي بأن فاطمة تعد نموذج للصبر و الكفاح فهي بالرغم من الفقر المدقع الذي عاشت به إلا أنها لا تزال تتمتع بإيمان كبير بقضائها , صابرة و محتسبة حتى مع ظروف الحياة التي مرت عليها في شبابها وإلى هذا الوقت ، و تمنت رجب أن يجد الأشخاص في الأربطة الرعاية النفسية اللازم ,  و أن يراعي المسئولون في الأربطة ذلك إذ أن هناك الكثير من الحالات التي تحتاج للرعاية النفسية و الاهتمام , و إلى إيضاح عدد من الأمور النفسية لهم حتى يتمتعون بما بقي لهم من أيام بمعنويات مرتفعة خاصة من يكون لديهم أمراض مزمنة تطيح بهم و تجعلهم في حالة انطواء وعزلة دائمة قد تزيد من حالاتهِم سوءً و تعقيداً.

مشرف في الأربطة : كبار السن في حاجة إلى خدماتنا .
مشرف المَبَرَة في أحد أكبر الأربطة الخيرية بجدة ( رفض ذكر اسمه ) قال بأن السياسة العامة لهم في الأربطة تقدم و توفر السكن بشكل مجاني و أضاف بأن الرباط لديهم يضم 257 شقة سكنية تمتلئ بشكل كامل بالسكان و هو يعد أكبر رباط في جدة و تم إنشاءه عام 1400هـ ، مشيرًا إلى أن نسبة السعوديين لديهم في الرباط تشكّل 37% ، و تابع بأن الخدمات التي تقدم في الرباط تتوزع إلى عدة جوانب : الرعاية الطبيعة , و التي تتضمن صرف أدوية للمحتاجين لها , بالإضافة إلى نقلهم للمستشفيات , إذ أن هناك مجمع طبي بجوار الرباط يخدم سكانه بأجور رمزية .

و ذكر المصدر بأن الجانب الغذائي يتوفر لسكان الرباط الخيري في سلال غذائية تزودهم بالمواد الأساسية التي يحتاجونها , و كذلك دعمهم للسكان بكوبونات غذاء و مبالغ مالية ، أما فيما يتعلق بالناحية الإنسانية فيشارك الرباط سكانه في أفراحهم و أتراحهم ما أمكنه ذلك ، و من الناحية الاجتماعية يتم عقد شراكات مع بعض المؤسسات لخدمة الساكنين و التعاون أيضًا مع بعض الجمعيات الخيرية وأهل الخير ، و تشمل الخدمات الاجتماعية لسكان الرباط تسديد الرسوم الدراسية لبعض الطلاب في الجامعات وكذلك تجديد الإقامة لغير السعوديين .
وشرح مشرف الأربطة بأن هناك برامج أخرى تقدم لساكني الرباط و هي اختيارية منها البرامج الثقافية و التي تعنى بالجانب الديني و السلوكي , إذ يتم توزيع عدد من الكتيبات لكي يستفيدون منها . و هناك الجانب التدريبي إذ يوفر الرباط لساكنيه ميزة الالتحاق لعدد من الدورات التدريبية في بعض من المراكز. ، و لفت إلى أن الرباط يخطط مستقبلاً في للتعاون مع دار للحافظات لتعليم الكبيرات في السن القرآن و الحديث النبوي .


الدكتور حسان بصفر

بصفر : الإعلام يتحمل مسؤولية في طرح القضايا الاجتماعية

من جهته أوضح الدكتور حسان بصفر أستاذ الإعلام و الاتصال في جامعة الملك عبد العزيز بأن الإعلام شريك في المسؤولية الاجتماعية و يجب أن يقوم بدوره في خدمة قضايا المجتمع و خاصة تلك الغير مطروحة و التي لا يتناولها الإعلام ,  لأن من دور الإعلام نقل قضايا الناس و الحديث عنها بكل صراحة حتى نستطيع الوصول إلى حلول ملائمة ، و أشار بصفر إلى أهمية أن تقوم مؤسسات التنشئة الاجتماعية بدورها منذ البداية حتى يكون المجتمع على دراية بكل ما يحدث بداخله ..

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق