18‏/07‏/2013

مسنات يبعن التعب على " بسطات " الحياة

الرصيف مجلسهن والشمس رفيقتهن
مسنات يبعن التعب على " بسطات " الحياة


 في أرصفة الحياة يهيمون بلا جدوى ، تحرقهن نظرات الناس  وتنتظرهن أفواه جائعة وينطلقن في الشوارع بكفاح وجهد لا ينقطع ، كلهن متزوجات وأرامل أمطرت الأقدار على رأسهن الفقر والمرض وعدد كبير من الأطفال ، يخرجن إلى الأسواق الشعبية لمواجهة متطلبات الحياة والبيع في "البسطات" بلا غطاء يقيهن أشعة الشمس ولا يحميهن من البرد والمطر حين يغسل الأرض .


توفير لقمة العيش
 أم خلف تناهز الـ (65 عاما) وبحسب قولها فقد حجزت رصيفًا بأحد الأسواق لتضع به بسطتها وتفترشه لتبيع مجموعة من العطور المتواضعة والمباخر الشرقية وأدوات تجميل صغيرة ، ورغم أنها في البداية رفضت الحديث لأنها خافت أن نكون من البلدية ونقوم بمصادرة بضاعتها لكنها ذكرت في حديثها بأنها تعمل في هذا المكان منذ ثمانية أعوام، إذ يبدأ عملها بعد صلاة العصر ويستمر حتى الثانية عشرة مساء.
وأضافت: أضطر للعمل في الصباح لكي أوفر لقمة العيش  حيث لا يزيد دخلي اليومي في أفضل الأوقات عن 150 ريالا ،  وهذا المبلغ لا يكفي لأنني أضطر إلى الصرف على المسكن الشعبي الذي أرتمي إليه من مشاكل الفقر ، ولفتت بأن أهل الخير غالبًا ما يوفرون لنا الغذاء بتبرعاتهم الخيرية ، وزادت : ابني متوفي منذ زمن وليس لي سوى بعض القريبات اللاتي يقمن بزيارتي وأنا أكون معهن كذلك في المناسبات وأسأل الله أن يغنيني من فضله فالمهم دائمًا هو الرضا بالقسمة والنصيب في هذه الدنيا ، وتساءلت أم خلف : لماذا لا يتم توفير معارض مكيفة ومجهزة حتى ينقلن البسطات إليها ويبعن في هدوء وراحة دون مضايقات .


12 ساعة عمل
وعلى نفس الصف تتحدث إلينا أم أحمد والتي تبيع أنواع مختلفة من البن والهيل والزعفران والمنتوجات الشعبية إلى جوارها ابنها ذو الخمسة أعوام ، وتضيف : أنا متزوجة ولدي ابن واحد وزوجي متقاعد ويعمل كسائق أجرة ونحن نعيش مع عائلته في بيت واحد ، وقد وجدت أن هناك كثيرًا من الضغوطات المادية تواجهنا لذلك قررت بيع بعض المنتوجات التي أعملها بنفسي ، وذكرت أم أحمد أنها تعمل لـ 12 ساعة خارج المنزل وأنها مرهقة جدا من هذا العمل ، واستطردت : لا أحمل سوى الشهادة الابتدائية وقد كنت أعمل في مصنع لكنه كان يؤخر الأجرة كثيرًا وهو ما اضطرني إلى الخروج منه والذهاب للعمل في هذا المكان ، وحكت أم أحمد إلى أنها تتعرض لبعض المضايقات من الشباب
غير أنها تتعامل مع مثل هذه الأمور بحزم وتتمنى أن يتم مساعدتها وتوفير مكان لائق حتى تتمكن من البيع فيه من دون مضايقات.

بيع المعمول
إلى ذلك تحدثت سامية عبدالله بسعادة رغم أنها تتوكأ على عكازها وقالت بأنها تضطر إلى العمل في هذا المكان لإيجاد مصروف البيت لأنها تعيل أربعة أبناء منهم طفل يعاني من مشاكل صحية ويحتاج إلى أدوية لذلك أقوم بتقديم المعمول بالتمر بمختلف أصنافه بعد أن أقوم بتجهيزه يدويًا في البيت وقد حاولت تسويقه إلا أنني لم أستطع لان الأمر مكلف ماديًا فاضطررت إلى أن أبيعه على جاراتي وصديقاتي وافترشت بسطة لكي أمارس منها العمل ، بالإضافة إلى بيعي للعيش والأكلات الشعبية المختلفة ، وتقول سامية عن المضايقات التي تعترضها بأنه تأتي سيارة من البلدية تقول لهن بأن يغادرن ولا يبعن في المكان لأنهن لا يملكن تصريح لازم يخول لهن الجلوس في المكان ، وتواصل سامية سرد حكايتها قائلة : أنا أبلغ الخامسة والأربعين وأعمل في هذه المهنة منذ ثلاث سنوات وزوجي يعاني من أمراض الشيخوخة وهو طريح الفراش بالمنزل وأقوم على خدمته وأبنائي ، وأضافت بأن بعض أصحاب المحلات التجارية التي نقف أمامها يمنعوننا من البيع وذلك لان مظهرنا يطرد الزبائن بحسب قولهم ، ويقومون أحيانا بإبلاغ البلدية التي ما تلبث وتداهمنا لتصادر البضائع التي لا تكفي لسد رمق الحاجة .

زبائن الجلابيات
السيدة (فاتن) تبلغ الخمسين وتبيع عدد من الجلابيات والألبسة والأقمشة ذات الألوان الزاهية المتنوعة وتذكر في تفاصيل حكايتها بأنها وحيدة بعد رحيل زوجها وليس لديها سوى فتاة متزوجة لذلك فهي تحب أن تعمل وتقوم كل فترة بزيارة ابنتها ، وتضيف : أحضر بعد صلاة العصر وذلك حتى أشتري عدد من الجلابيات ثم أبدأ بتوزيعها وترتيبها وأعرضها للزبائن ، مشيرة إلى أنها تكسب قرابة الـ200 ريال يوميًا وهي راضية بذلك  ، لكنها تمنت أن يتم تخصيص أكشاك مكيفة لتوفر لهن الراحة من عناء الشمس والحرارة ، وأوضحت بأنه تطالها العديد من النظرات المزعجة لكنها لا تعيرها أي اهتمام ، وتعترف بأنها فخورة بعملها رغم كل شيء ولها زبائن يأتون إليها خصيصًا حتى يبتاعوا منها عددًا من الأقمشة المتنوعة .



إكسسوارات الحاجة أم نبيلة
في سوق البلد أمام إحدى الأسواق التجارية وفي باحته الفسيحة وقفت إحدى الفتيات مكان لتبيع إكسسوارات مقلدة وذلك بحثًا عن الرزق ، واستبقت سؤالنا بقولها : أنا أقوم مكان والدتي التي ذهبت حتى تحضر بعض البضائع من المندوب ، وتذكر نبيلة التي تبلغ 16 عامًا بأنها تحضر لتساعد والدتها المسنة من المشقة التي تتكبدها في عملها ، مضيفة بأن والدها غادر الحياة ولديها أخ واحد هو من يقوم بسداد مصاريف المنزل لكن والدتي تحب أن تغرس قيمة العمل ، وأشارت إلى أن والدتها تمنعها من الحضور إلى هنا حتى أستذكر دروسي غير أنه توافق فقط في أوقات الإجازات الدراسية ، وفي أثناء حديث الفتاة حضرت أم نبيلة لتكشف عن أنها مؤمنة بهذا العمل ولا ترى فيه عيبًا وأنها في القريب العاجل ستفتتح محلا صغيرًا لبيع الإكسسوارات في إحدى الأحياء الشعبية ، وأكدت بأنها تكسب الخير وليس هناك ما يزعجها سوى بعض الآلام في قدمها فقط ، لافتة إلى إنها ستكون سعيدة جدا إذا انتهت ابنتها من الدراسة بنجاح ووجدت نصيبها في الزواج حتى تطمئن على حياتها ، وتابعت بأن ابنها حاول مرارًا أن يمنعها من العمل في الأرصفة لكنني أصريت عليه لأنني أعتبر ذلك شرفًا وليس به أي مشكلة على الإطلاق .

دعم المحتاجات وعدم مصادرة البضائع
فيما قالت الناشطة وعضو جمعية حقوق الإنسان الدكتور سهيلة زين العابدين بأنها تحدثت عن  هذا الموضوع  قبل سنة وأتمنى من وزارة البلدية والشؤون القروية أن تدعم مثل هؤلاء السيدات كبار السن المحتاجات ، مضيفة بأن البلدية يجب أن توفر أكشاك بأسعار جيدة وتكون مكيفة لتبيع فيها هؤلاء السيدات المساكين .
وأكدت على ضرورة أن توجه عدد من المشاريع لخدمة هؤلاء السيدات من خلال القطاع الخاص تحديدًا لدعمهن وهذا الأمر يفترض أن تكون الغرفة التجارية مسئولة عنه وصندوق تنمية الموارد البشرية بحيث يكون هناك تنسيق مع البلدية لتقديم تراخيص لهن بدلا من إزعاجهن ومصادرة بضائعهن .
 إلى ذلك، قالت الناشطة الاجتماعية في قضايا المرأة  إيمان علي بأنه لا بد أن يكون هناك تنظيم مع عدد من القطاعات الحكومية حتى يتم القضاء على المشاكل التي يتعرض لها هؤلاء النسوة بعد أن قضت الظروف أن يكن في هذا المكان الغير آدمي لذلك يجب توفير أماكن مكيفة حتى يمارسن البيع دون مشاكل ولو بإيجار رمزي .






ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق